الأربعاء، 12 سبتمبر 2007

الخطوط الجوية الموريتانية من يتآمر علي من ؟؟؟




ذكرتني حادثة حجز طائرة الخطوط الجوية الموريتانية في باريس
بسبب دعوي رفعت ضدها من قبل الشركة الأمريكية المالكة للطائرة لتأخر خطوطنا الدولية عن دفع إيجار الطائرة ذكرتني هذه الحادثة بمطبات وقع فيها أحد زملائي السيد : كواس ابن أبي كوسة .
قال : قبل أكثر من عقد من الزمن أصررت مرة علي الهجرة كغيري من شباب البلد- المتفرقين أيدي سبإ- في أرض الله الواسعة , من يبحث عن رزق لعياله ومن يحاول جاهدا متابعة دراساته والأسباب في ذلك كثيرة وسردها ممل ومؤلم.
اشتريت تذكرة من الخطوط الجوية الموريتانية تحدوني إلي ذلك وطنيتي وجهلي بتميز خطوطنا الدولية العجيبه.
بدي لي وأنا بعد علي ارض الوطن أن كل شيء علي ما يرام !!! فالحجز مؤكد والتذكرة قابلة لأن تفتح علي خطوط دولية غير خطوطنا ولكنني فوجئت بموظف إحدي الخطوط الدولية الشقيقة بعد أن قدمت له تذكرتي من أجل أن أواصل رحلتي عبر طيران شركته , يرميني بالتذكرة ويقول بنبرة لا تخلو من السخرية نحن لا نحجز لحامل هذه التذكرة علي خطوطنا ! قلت: ولماذا ؟ قال : لأننا نطالب هذه الشركة بمبلغ كبير ولم تسدده منذ فترة طويلة , بالتالي لم نعد نثق في التعامل معها.
ولأنني قادم من انواكشوط, وقد أنهيت سنتين من البطالة بامتياز ولا حقت كل المواعيد التي لم تخضر أمامي يوما , وكانت دائما تنتهي كسراب مقيت في يوم قائظ... من أجل كل ذلك فقد سافرت وما في جيبي سوي 100 دولارفقط.
حتى إنني لم أفكر بمثل هذا المطب لأحتاط له بتأشيرة دخول إلي بلد -اترانزيت- هذا حيث وجد نفسي في الخارج لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء
لكنني وبلطف الله حصلت علي تأشيرة دخول ليوم واحد متعللا للسلطات المعنية بمشكلة الحجز وما شابهها من آثار خطوطنا و.........
دخلت إلي المطار وجبت كل الزوايا أحمل معي تذكرة الخطوط الجوية الموريتانية أسأل هذا المكتب وذاك ولكن لا جدوي , الكثير من شركات الطيران لا يعرف خطوطنا المبجلة والكثير علي شاكلة الذين رفضوني خارج المطار !!!.
بدأت الوقت يتأخر وقد كنت مجهدا من أثر السفر وتبدو علي حيرة المسافر لأول مرة لا يدري أين يمضي؟ ولا ما ذا ينتظره؟
بحثت عن مكان أستريح فيه ولكني لم أجد سوي مقاعد طويلة وبعرض الشبر تقريبا. كنت متعبا جدا لذلك ألقيت بجسدي النحيف علي إحداها وانهالت علي الشجون من جهات الأرض الأربعه.
مرة ألوم حظي العاثر الذي أوقعني فريسة لخطوطنا المبجلة , ومرة أخري
يهمس الغد في أذني بكلمات جميلة فأتوه معه في أحلام خضراء لا تعمر كثيرا , لكثرة ما كنت أحلم قبل السفر الجميل هذا !!!

في موريتانيا كل شيء عجيب ومتميز , وكل شيء مختلف في باطنه عن ظاهره إلا ما ندر.
وكزني ابن أبي كوسة قائلا : من يصدق أن كبار مسؤولينا في حكوماتنا السابقة واللاحقة والمتعاقبة والمتواصلة والانتقالية ... يختلفون في بواطنهم
عن ظواهرهم !!!.
الفصاحة وحدها لا تكفي يا صديقي لكي يكون المرء مثاليا ووطنيا .
ثمة معايير أخري , بل ربما يجدر بالوطني المثالي أن يكون قليل الكلام كثير العمل والفائده.
هل تصدق يا عزيزي أن العبد الفقير إلي ربه الجالس أمامك الآن والذي عبثت به خطوطنا الدولية حصل علي مشروع اعتماد مالي في إحدي الوزارات ومعتد قانونا وختما من الوزير والكاتب العام والمدير المالي والإداري ومدير الأشخاص ويحمل الرقم المالي لأحد أطر الوزارة المستفيد من حقه في التقاعد.
قلت : فما الذي حملك علي الهجرة إذن وقد حصلت علي وظيفة في البلد؟
وكزني أخري وقد كان أن يقضي علي !!!قائلا: لقد تبخر الإعتماد يا سيدي!!!لأن وزيرنا الأول الذي كان يومها وزيرا للمالية أوقفه حتى يتصل عليه وسيط جمهوري أو ربما سمكة قرش أو حوت كبير !!! ولما لم يحصل ذلك , لعب الوطني الفصيح والوزير الأول المليح بأحرف إسمي
فطار الكاف جنوبا والواو شمالا والألف شرقا والسين غربا وتوزعت بقية اسمي علي الجهات الفرعية !!! وحلت محلها أحرف جديدة تكون إسما لموظف جديد تربع علي كرسي وظيفي كان ابن أبي كوسة ينظر إليه في برزخ الكوس الطويل.
أرأيت إذن كيف يبدوا مسؤولونا علي غير ما هم عليه كم مرة حدثنا هذا الوطني عن الغد الجميل وكم سقانا سقي الكمون ...؟
لنعد إلي خطوطنا الدولية إذن فلو تركنا لكواس حبله علي غاربه لشغلني وشغلكم بشجونه وهمومه عافاكم الله.
أصبح الصبح وما لاحت في الأفق بارقة أمل جديدة حتى اعتدل النهار
وكواس يجد في البحث غير قانط من رحمة الله التي تداركته أخيرا مع خطوط دولية شقيقة رحمته واستقبلت تذكرته الموريتانية ليصل إلي وجهته مواصلا درب الهجرة ما بين مدار الجدي وخط الإستواء وسيول الطينطان, وباركيول , وانجاجبني, وكيهيدي ,والمبعدين, وارتفاع الأسعار واختفاء الأوقية, وكثرة اللصوص,و الأحزاب, والمجتمع المدني الذي سوف يحولنا بعون الله إلي مدنيين بالجدارة .فلقد أصبح لكل عائلة منظمة
غير حكومية تعمل في مكافحة السيدا والأمية والبيئة والبطالة وما شاء الله من هموم المدينة وساكني المدينه.
أقبل الليل وغادرني كواس إلي أهله في ملح متعللا بعدم وجود أعواد الشمع في البيت وهو لا يحمل معه شمعة تضيء له الطريق أصلا إلي بيته المتواضع
في حي السعادة الذي لا يزال ينتظر مع المنتظرين ويأمل أن يفيق ذات يوم علي موريتانيا جديدة تخلو من سؤال مؤرق هو : من يتآمر علي من ؟؟؟
أحمد محمود ولد العتيق

الخطوط الجوية الموريتانية

لنعمل معا يدا بيد لتحفر أقلامنا في جسم الفساد الذي ينخر موريتانيا حتي لا يكون هناك إلا صوت واحد هو صوت الحق