الأحد، 2 سبتمبر 2007

الوطن يبحث عن مواطن




الوطن يبحث عن مواطن

( عندما يأتي الربيع يصبح القمر بدرا لكي يكتشف المحارب القديم طريقه . من أمثال الهنود الحمر)

كنا ونحن صغارا نردد بلادي بلادي .. ثم كبرنا وتحول البلد إلي وطن ثم تقدم بنا العمر وأصبح الوطن هما يعيشنا ونعيشه يحول ليلنا أرقا ونهارنا بحثا وتحليلا. الوطن كل الوطن وبكل ألوانه ...
يتقدم الزمن وتكبر الأحلام ولكن الوطن الذي يسكننا ينحسر شيئا فشيئا وتكبر الأحلام أكثر فأكثر
ثمة تناقض كبير بين أحلام البسطاء وتدابير الكبار
فالبسطاء يبحثون عن لقمة عيش وعمل بسيط ومسكن متواضع وجرعة ماء يبردون بها حرارة الهموم وسطوة الإحباط . لكن الكبار يعبون الماء عبا ويروون به أحلامهم التي لا يحدها شيء ولا تنكسر أمام شحوب الفقراء وألام الشباب المشردين في أصقاع الأرض.
كنت كتبت مقالا في جريدة الشعب سنة 1991 تحت
نفس العنوان الوطن يبحث عن مواطن هرولت السنوات ونكص الوطن مرات ومرات ومازال الوطن يبحث عن مواطن والمواطن يبحث عن وطن
معادلة غريبة لا تتجلي إلا في هذا الصقع من البسيطة والذي تناهبته الرمال والعطش والجوع والمرض. ولكن أكبر ناهبيه هم أهله وبنوه وكأنما
لا ينطبق المثل العربي إلا عليه ( يداك أوكتا وفوك نفخ) نحن الذين نعاني ونحن سبب هذي المعاناة
نسرق أنفسنا ونشرد أبناءنا وننهب قوت صغارنا.
خرجنا من بين ظهراني أهلينا لا بطرا ولا رآء الناس إنما لأن الوطن الذي كتب الله لنا ويعيش في دمنا قذف بنا مشردين نغسل لهؤلاء صحونهم ونمسح لألئك سياراتهم و نستدين من الأغراب لنفتتح دكاكين تقسيط بسيطة نربح منها الأوقية والأوقيتين فقط لأننا نريد أن نعيش كراما ولو علي حساب أعمارنا وصلاح بنينا وسعادة ذوينا كم مرة قتلنا وصبرنا وكم مرات نهبنا وسكتنا وكم قبر لنا في السنغال والكونغو وزائير ووسط إفريقيا وأوروبا وووو................
كم جهة رسمية في وطننا سألت عنا أو طالبت بدمائنا أو حقوقنا ؟ وهل نخرج من هذا الوطن بإرادتنا إنما نخرج كرها ونعود كرها وكأننا نلد مآسينا كل عام كالأم تحمل كرها و تضع كرها
عندي من قتلي هذا الوطن أسماء عديدة قتلوا في إفريقيا ولا احد سال عنهم.
وعندي من مهاجري هذا الوطن أكثر من مليون مهاجر شاب منهم من لا يستطيع حتى العودة لوطنه فقط لأنه لم يستطع الحصول علي جواز سفر لأن هذه الأوراق المدنيه ممركزة في إدارة واحدة في انواكشوط وتستخرج بأساليب ملتويه تماما مثل التواء حنفيات الماء وأعمدة الكهراء الميتة ...
هل ثمة في الوطن إزدواجية أخري في معايير المواطنه ؟؟؟
صبرنا علي هذه الإزدواجية عندما كان الأمر متعلقا بامتصاص دمائنا وتجويعنا منا وبنا أي بأيدينا وأيدي من هم مسئولون عنا أما أن تتجاوز هذه الإزدواجية إلي الفصل في حقوق بعضنا وإلزامنا بما لم تكن لنا فيه ناقة ولا جمل فهو أمر لا يقبله العقل ولا يقره العرف ولا السلم الاجتماعي .
لا أحد ينكر أن أحداث سنة 89 كانت مؤلمة وسيئة بكل المقاييس وليس هناك عقل سليم ولا نفس مؤمنة بالله إلا تنكره وتشجبه ولكن لا ننسي أنها كانت فتنة
شملت كل شيء مات فيها القريب والبعيد وما سلم منها في موريتانيا بيت وبر و لا مدر ومثلما تم ترحيل الآلاف من مواطنينا خطأ من موريتانيا إلي الدول المجاورة فقد قتل الكثير منهم أيضا في السنغال ونهبت شركاتهم التي تصل رؤوس أموالها إلي مئات الملايين ناهيك عن هتك الأعراض وتشريد العائلات وإجهاض الحوامل ...
ماذا أعدد إنها أحداث مؤلمة بما في الكلمة من معني.
لكن التعامل معها يجب أن يكون حذرا وموضوعيا لا تميل اليد المصلحة له إلي طرف علي حساب الآخر.
لم تحصل هذه الأحداث من فراغ كانت لها أسبابها الكثيرة والمعروفة لا أحد بحاجة إلي تفصيلها
ولو أن الإشارة إلي أبرز أسبابها ضرورية للإيضاح فقط . إن المنظمة العنصرية المعروفة اختصارا ب
Flam لا تري في النظام السياسي في موريتانيا أي
شرعية ولا مصداقية وهي في رؤيتها هذه لا تخص نظام ولد الطائع الذي تعامل معها كما رآها وبدت له
كما لا تقف في رؤيتها واستيراتجيتها عند الحكم الانتقالي ولا هذا المولود السياسي الجديد الذي يرأسه السيد سيدي ولد الشيخ عبد الله . ويقف علي رأس برلمانه المناضل مسعود ولد بلخير وبا أمباري .

إنها منظمة عنصرية بما للكلمة من معني باعت سمعتنا ومصداقيتنا بحفنة من مال للأربين والغرب عموما وشوهت صورتنا في كل محفل وما زالت تنظر إلينا كغزاة ومستعمرين لا أحد ينكر هذا أو يعترض عليه ( أنظر موقع هذه الحركة علي الإنترنت ) سوف تصاب بالذهول!!! إنها تطالب برؤوس المئات من أبنائنا فقط لأنهم فهموها واكتووا بخطورتها ومخططاتها .
إن أي حل لهذه القضية يجب أن يضع في الحسبان أن هؤلاء العائدين هم ضحايا كألوف الموريتانيين الذين عادوا من السنغال لذا يجب حل مشكلة هؤلاء أيضا فقد رجعوا فقراء كلْمَي وقتلي . لا أقول هذا طلبا للقصاص ولا نبشا للماضي إنما لا يزال مواطنونا العائدون من السنغال فقراء لا مال لهم يعيلون به أسرهم وأنفسهم أفلا يجب التفكير في أمرهم واسترداد حقوقهم وإن لم نفعل فقد ملنا لطرف ونسينا الآخر.
لست أقول هذا لأربط عودة مواطنينا العائدين إلينا
بحل مشكلة مواطنينا المقيمين بيننا فللمغترب حق علي المقيم . فقط للمقيم المنهوب ماله أيضا حق علي أولي الأمر أن يعيدوا له حقوقه.

جميل جدا أن يعود هؤلاء إلي أهليهم ووطنهم
بالعدل والقسطاس المبين . ولكن لاننسي أن هشاشة
النظام المدني الموريتاني و الحدود المترامية الأطراف وأسطورة الرفاه الموعود ومراكب المهاجرين إلي الفردوس الغربي قد تصبح مسببا وجيها لانزلاق الألوف من رعايا الدول المجاورة إلينا فيصبحون بالخطأ مواطنين موريتانيين تعرضوا للبطش والتشريد ونصبح ساعتها ملزمين بالتعويض لهم كذلك ومواساتهم .
إن الموضوعية والحذر والحرص علي مصالح البسطاء من أبناء هذا الوطن المسكون بالآلام هما
الهاجس الذي يجب أن يعيش مع أي مسئول فيه سواء أكان رئيسا أو مرؤوسا. لأن الميل عن هذه
المبادئ يعني فتح شبابيك جديدة علي الخوف الساكن فينا من الغد المجهول .
رحل نظام ولد الطائع وجاء العسكر فظننا أن الربيع
آت وبدأنا ننتظر أن يصبح القمر بدرا حتي نجد طريقنا لنحارب معهم ضد الفساد وجميع مرادفاته
انتظرنا كثيرا حتى رحل العسكر وظلت جميع فصولنا صيفا ممحلا لا لبن فيه تماما كما كانت
قبلهم صفراء قاحلة .
رغم كل زوابع الصيف وحرارته بدأت تلوح في سمائنا غيوم تلونت بأحلامنا فاستبشرنا بمولد الربيع
وهتفنا معا: ستزهر في بلدنا كل أشجار الصنوبر حتى تلك التي بدأت تستقيل من الأرض كرها...
وسيصبح القمر بدرا وساعتها سنكتشف طرقنا
معا نحن والقادمون الجدد في الربيع الحالم القادم
من صناديق الاقتراع التي ملأتها أصوات البسطاء
المقهورين لصالح الرئيس الجديد.
وسنزحف خلفه لنحارب من أجل موريتانيا قوية موحدة ومزدهرة.
... لكن ورغم قصر المدة التي أقبل فيها القادمون الجدد إلا أن البوادر التي لاحت حتى الآن لا تنبئ
أن الغيوم التي استبشرنا بها ونسائم الربيع الموعود
كانت دليلا علي ربيع مورق ومزهر سيأتي لهذه الصحراء المنسية.
يقول المفتش العام للدولة في مقابلة له علي شاشة تلفزيوننا الوطني وبالحرف الواحد :
( قبل تسليم الحكومة الانتقالية للسلطة كان الباقي من ميزانية الحكومة 56.000000 مليون لم تصرف بعد . ذهبنا إلي انواذيبو في مهمة لخمسة أيام فلما عدنا وجدانها صرفت بالكامل .) نهاية الاستشهاد.
كم صفقنا لهذه الحكومة وكم نهبتنا إذن وكم خدعتنا
إذن بل وضحكت علي براءتنا مثلما كانت كل
الحكومات التي تحكمنا تفعل بنا وتلعب ببساطتنا.
وفي سؤال لمندوب التلفزة الوطنية لوزير المالية الجديد عن النقص الذي أعلنوه في الميزانية العامة
لسنة 2007 قال (وجدا أن 36.000000 مليون
كانت مسجلة في الميزانية لكننا لم نجدها ...)
أين ذهبت إذن؟ ولماذا لا يتم التحقيق والبحث في هذا الموضوع عجبي !!!
ماذا أعدد كانت ديون شركة الكهرباء مع مجيء العسكر مليار أوقية وفي مقابلة لمديرها مع الصحفي
اللا مع تقي الله الأدهم في برنامج علي الطاولة ذكر هذا المبلغ ووعد بإصلاحه خلال سنة .
مرت السنة واستضافه في نفس البرنامج قال تم تسديد معظم المبلغ وستلاحظون التحسن الذي سيطرأ علي خدماتنا !!!
غادر العسكر ومعهم انتهت خدمات الكهرباء رغم أنها كانت تؤشر في زمنهم وتلوح لنا بقرب احتضارها وموت كل المصابيح !!! عجبي
ذهب العسكر ورغم نضوب الماء عن الأحياء الشعبية في زمنهم وغلاء أسعاره لكنهم ما إن رحلوا
حتى تصحر كل شيء ونضبت كل الحنفيات ومابقي
في العاصمة من راشح بالماء إلا صنابير حنفيات
ذوي الياقات البيضاء من سكان تفرغ زينه وكاد
العالقون في صحراء الزمن الديمقراطي أن يهلكوا عطشا ثم وصل برميل الماء الذي يتأوه الحمار الحامل له هما من هم صاحبه والمتجه إليه بلغ سعر
برميل الماء أكثر من ألف أوقية .!!! عجبي

ورغم ارتفاع أسعار النفط عالميا والوعود التي
بنينا أحلامنا وأحلام الأجيال القادمة منا عليها
ذابت كل هذه الوعود في زمن لا ربيع فيه
وتبخر النفط كما تبخر الماء واحترقت الكهرباء.
وعدونا في الحكومة الإنتقالية بإصلاح التعليم
وشهد أبرز المعارضين في برلماننا للوزيرة الجديدة
التي تولت مواصلة الإصلاح بالجدية والنزاهة وأقصد هنا الأستاذ النائب محمد المصطفي ولد بدر الدين ورغم قصر المدة التي تولت حتى الآن إلا أن
أن الحالمين بغد لون لهم بالجدية والإصلاح ليس لهم من سعة البال ما يمهلون به أحدا ...
انتهت امتحانات الباكالوريا وبدا أن نسبة الناجحين
لهذا العام كانت أقل من النسب في السنوات الماضية فلماذا ؟ لم يحدث إصلاح إذن !!! عجبي

لم أعرف في بلد ولم أسمع أن دولة من الفقراء
بل من أفقر الفقراء تفضل الليبيرلالية علي أي نظام اقتصادي آخر من سيشتري إذن ومن سيبيع ؟
إذا كان الدخل الفردي متدني جدا والأسعار ترتفع
إلي السماء كدخان الحطب الذي يطبخ عليه الفقراء
في العاصمة والداخل ببساطة لأن أسعار الغاز تشبه نفس الأسعار تماما كأسعار الطحين والأرز والسكر والبترول ماذا أعدد !!! عجبي لكن لماذا ؟
ببساطة شديدة ليبرالية بلارقيب هم اختاروها ولم
يستشيرونا ونحن فقط هم ضحاياها !!! عجبي
لست أدري هل ولدنا لنعيش قدرا لا أمل في تغييره؟
أم أن أسبابا كثيرة يضيق المقام عن ذكرها تضافرت
لتؤسس بلدا يبدو للناظر إليه من الخارج وكأنه دولة
في حين أنه في حقيقته ليس سوي قبائل يربطها
الرحم بصحراء غنية بكل خيرات الدنيا وفقيرة
ببطش أيادي أبناء هذه القبائل والذين لا يفكرون إلا في أنفسهم وذويهم ولو كان عملهم هذا سيؤدي بهم
إلي زمن ليس فيه إلا فصل واحد .
صيف حار جدا لا ماء فيه ولاضوء فيه إلا قمرا لم
يصبح بعد بدرا فقط لكي يجد المحارب القديم طريقه إلي بلد قوي موحد ومزدهر !!! عجبي



بقلم /
أحمد محمود ولد العتيق

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أخي المؤلف لقد إستمتعت بمشاركاتك الرائعة و التي منت أطالعها في "الدرب" أدعوك لزيارتي في مدونتي الموجودة في مكتوب و التي تحمل إسمي(الدد)إضافة إلى شعاري المميز (مسجد شنقيط

أقلام موريتانية يقول...

الأستاذ الدد نتشرف بحضورك معنا علي المدونة . وننتظر مساهماتك الجاده ونشكرك علي المرور اللطيف

عباس احمد يقول...

السلام عليكم
اشكرك اخي الكريم على كلامك الرائع والجميل حقيقة قد وجدت في موضعك هاذا با الذات على اجوبه كثيره لبعض من الأسئله التي كنت ابحث عن اجابتها
انني اشد على يدك واتمنى ان نتواصل لكي نضفر با الفائده وشكرا جزيلا