الأحد، 2 سبتمبر 2007

يوم في حياة مسئول موريتاني

احمد محمود ولد العتيق

يوم في حياة مسئول موريتاني

دخل إلي الطائرة بعد أن أكمل إجراءات سفره
ولم ينسي أن يتأكد من وجود جواز سفره عالقا في جيب الجاكيت الجديد .
تفحص الجالسين أمامه في الدرجة السياحية ووقعت عينه عليها, كانت جميلة تتدلي خصلات مجنونة من شعرها علي جبهتها البيضاء, وعطرها العبق يشي بأنها من سكان حي تفرق زينه حيث تسكن الطبقة الراقيه.
اقترب منها ومال عليها برأسه مبتسما :
هل يمكن أن أجلس بجانبك علي هذا المقعد؟
قالت : نعم وبكل سرور
ابتسم قائلا وبخبث شديد : كنت أعرف أن الحظ
يخبيء لي دائما مفاجئات جميله.
قالت وهي تخرج من كرسيها لتفسح له المجال للجلوس :
وأي مفاجئة تقصد؟
قطع حديثهما صوت مذيع الطائرة يأمر بربط الأحزمة استعدادا للإقلاع إلي باريس.


شد الحزام حوله , ومد يده إليها ليساعدها في شد حزامها , وهو يتساءل لو تركت يدي تداعب جسمها الناعم بحجة ربط الحزام فهذا يعني أنها لا تمانع في أن نقضي وقتا ممتعا .
كان حدسه في محله فقد تشاغلت عنه في مسند مقعدها لترفعه إلي الأمام كما أمر تها المضيفة .
وأحس وهو يشد الحزام حول وسطها وكأنه يطير وحده في عالم طالما تمني أن يصل إليه , فقد مل حياة الكزرة والبؤس حيث كان بعيش خارج الزمن
وها هي الفرصة تسنح أمامه وإحدي جميلات تفرغ زينه تملأ المكان بجانبه . تخيلها في بيته أما لأولاده وبدأ يستحضر طموحاته في تلك اللحظه بل
تخيل المنزل الجميل الذي سيهديه أبوها إليهم بمناسبة الزواج مثلما حصل مع عبد القادر الذي تزوج من إحدي بنات العلية . بل لقد أصبح هذا سلوكا متعارفا بين الأغنياء. تري هل تقبل به زوجا سيفاتحها في الموضوع حينما يصلون إلي باريس.
( ما بين غمضة عين وانتباهتها يصرف الله الأمر من حال إلي حال ). بالأمس كنت رهين الفراش لا أحد يرد لي السلام لم تبقي حيلة إلا استخدمتها لأحصل علي وظيفة ولم أنجح وهاأنا اليوم أجلس قرب عروس البحر تنقاد لي الدنيا كما أشاء ...
سبحان الله ... قالها بصوت مسموع فالتفتت إليه
قائلة : ما هذا التسبيح المفاجئ ؟
لا .. فقد كنت أقرأ أدعية السفر
لا تنسني من بركة دعائك إذن
وكيف أنساك وقد شغلت مساحة كبيرة من قلبي
ابتسمت , واقتربت منه أكثر وهي تهمس له :
لماذا تسافر إلي باريس ؟
هل أنت تاجر؟
لا أنا مسئول كبير وعندي ملتقي في باريس لمدة أسبوع فقط.
أحس بها تقترب منه أكثر كان جنباهما متلاصقان
بشدة ويحس كل منهما بأنفاس الآخر .
همس في أذنها : وهل أنت مسئولة مثلي؟
ما ذا تفعلين في باريس؟
قالت بدبلوماسية محنكه:
لست مسئولة في الدولة وإن كنت أرافق المسئولين دائما في رحلاتهم إلي باريس تماما مثل ظلهم وكأنني جزء من البروتوكول ... ضحكا معا ثم أخذا استراحة قصيرة تناولا فيها طعام الفطور .
وعادا للحديث من جديد تعرفا علي بعضهما أكثر
أخبرها كيف أصبح مسئولا كبيرا في فترة وجيزه وكيف تخطي درجات السلم الوظيفي ثم حدثها عن مجهود مصطفي والطريقة التي عينه بها في منصبه الجديد ...
قالت : أما أنا فتاجرة . أستورد البضاعة الفرنسيه
وعندي محلات في كل أسواق العاصمه وأظن أن حظي ممتاز مثل حظك . تدري لماذا ؟
لأنني التقتك في هذه الرحله ولا شك أنك سوف تساعدني في مهمتي هذه المره !!!!
وما هي مهمتك هذه المره ؟
عندي بضاعة لا أريد أن تمر علي الجمارك والأمر كما تعلم بحاجة إلي وسيط كبير ولا أظنك ستبخل علي بالمساعده .
هذا فقط ما تريدين !!! ظننت أنك تريدين شيئا آخر وخفت أن يكون فوق سلطتي أما هذا فلا تفكري فيه بعد الآن وضعي في بطنك بطيخا صيفيا كما يقول المصريون . واستغرقا في ضحك منمق ينبئ عن تفاهم كبير.
سألته : وهل زرت باريس قبل هذه المره؟
حاول أن يكذب لكنه خاف لو وصلا أن تكتشف كذبه ففضل قول الحقيقة.
لا لم أزرها قبل الآن وإن كنت أحس أنني أعرفها منذ زمن بعيد
وكيف ؟
لأنك أنت تعودت زيارتها !!! وضحكا
يبدو أنك خبير في اقتناص النساء وهذا الإطراء يجعلني أعدك بضيافة خاصة إذا نزلت معي في الفندق الذي تعودت الإقامة به.
هذا وعد يسيل اللعاب له وما أظنني أستطيع رفضه.
رغم أنني كنت أنوي الإقامة حيث ينزل أمثالي ولكن ...
دعك من لكن وانزل معي سنقضي أيا ما ممتعه.
لكِ ذلك .
أنهيا إجراءات الدخول و اتجها إلي باريس وفي حي
هاديء من عاصمة الضباب دخل المسئول وسلمي معا إلي غرفة تطل شرفتها علي حديقة الفندق وبدءا في عناق طويل قبل أن يغيرا ملابس السفر
وعلي مائدة الغداء التزم الرجل أن يعود بكل بضاعة سلمي علي تذكرته وباسمه حتي لا تخضع للتفتيش . بل وأكثر من ذلك اتفقا علي عقد تجاري تحصل سلمي بموجبه علي جواز سفر دبلوماسي
يمكنها من تجاوز جمارك المطار وفي المقابل يحصل السيد س علي مبلغ مائة ألف أوقية عن كل رحلة لسلمي تعود فيها من باريس بحمولة كبيرة من العلب الخاوية مكتوب عليها هذا الدواء صنع في فرنسا ! لا تترك الأدوية في متناول الأطفال ...
وفي وسط العاصمة تعيد الجميلة تعبئة العلب بالطباشير والإسمنت الأبيض المستوردين كدواء من نيجيريا والسينغال ... لتباع للجياع والمرضي في صيدليات الوطن .

ليست هناك تعليقات: